الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى المهيمن:
أيها الإخوة الكرام؛ مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم المهيمن.
هذا الاسم أيها الإخوة؛ لم يرِد إلا في القرآن الكريم، وفي موضع واحد، في قوله تعالى:
﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)﴾
ولم يرِد في السنة.
المُهيمن اسم فاعل اشتقاقاً، اللغة العربية من أرقى اللغات، لغة التصريف، هناك جد وله أحفاد، يوجد عندنا مصدر، فعل ماض، فعل مضارع، فعل أمر، اسم فاعل، اسم مفعول، اسم مكان، اسم زمان، اسم آلة، اسم تفضيل، صفة مشبهة باسم الفاعل، أُسرة، فالمهيمن اسم فاعل، الفعل هيمن يهيمن هيمنة.
المعاني الشرعية لاسم المهيمن:
ما المهيمن؟ قال: الرقيب، الشهيد، الذي:
﴿ وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7)﴾
الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، يعلم الظاهر والباطن، يعلم ما تعلم، وما لا تعلم، يعلم ما تعلم وما خفِي عنك، يعلم دقائق الأمور، يعلم سريرتك، يعلم علانيتك، يعلم نواياك، يعلم خواطرك، مهيمن، بل لن تكون أنت أيها الإنسان مهيمناً في مكان ما إلا إذا توافرت لك معلومات دقيقة عن كل شيء، من لوازم الهيمنة دقة المعلومات، وأي إنسان يتخذ قرارًا قبل أن تكون له معلومات دقيقة القرار في الأعم الأغلب يكون خاطئاً.
إذاً من معاني كلمة المهيمن أنه يعلم كل شيء، يعلم ما كان، ويعلم ما يكون، ويعلم ما سيكون، ويعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون، رقيب، شهيد، سميع، بصير، يعلم خواطرك، يعلم ما غاب عنك، يحول بينك وبين قلبك، يعلم السريرة، يعلم العلانية، يعلم ما في خلوتك، يعلم ما في جلوتك، يعلم ما تُبطن، ما تعلن، ما تخفي، ما تنوي، هذا المعنى من لوازم المهيمن، علمٌ مطلق.
﴿ قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16)﴾
ويكفي أن تعلم أن الله يعلم كي تستقيم على أمره، يكفي أن تعلم أن الله يعلم كي تستحي منه،
(( عن عبد الله بن مسعود: استَحيوا منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ، قُلنا: يا رسولَ اللَّهِ إنَّا لنَستحيي والحمد لله، قالَ: ليسَ ذاكَ، ولَكِنَّ الاستحياءَ منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ أن تحفَظ الرَّأسَ، وما وَعى، وتحفَظَ البَطنَ، وما حوَى، ولتَذكرِ الموتَ والبِلى، ومَن أرادَ الآخرةَ ترَكَ زينةَ الدُّنيا، فمَن فَعلَ ذلِكَ فقدَ استحيا يعني: منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ. ))
لا يكفي لاسم المهيمن أن يعلم، هو يعلم علماً مطلقاً، يعلم الظاهر والباطن، يعلم ما تعلم وما لا تعلم، يعلم ما تعلم وما خفي عنك، لا تخفى عليه خافية.
أيها الإخوة؛ ومن معاني اسم المهيمن القدرة، يعلم ويقدر، والقدرة لها معنيان، القدرة علم وقوة، قد تعلم وأنت ضعيف، لا تملك أن تفعل شيئاً، وقد تكون قوياً وأنت لا تعلم، بنو البشر منهم من يعلم وهو ضعيف، ومنهم من لا يعلم وهو قوي، لكن المهيمن فضلاً عن أنه يعلم كل شيء يعلم كيف يعالجك، هنا موضوع ثان، أحياناً هذا المريض معه التهاب معدة حاد، الآن الطبيب يعلم الدواء، وعنده قدرة بإقناع المريض أن يأخذ الدواء، فالله عز وجل فضلاً عن أنه يعلم هو يعلم العلاج، يعلمه علماً، ويملكه قدرة، إذاً هو مهيمن، القدرة التامة على تحقيق مصالح المهيمن عليه، قد تعلم، وقد تقدر، أما المصير ليس بيدك، لكن الله يعلم، ويقدر، وعلمه وقدرته مستمران، المصير بيده.
﴿ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53)﴾
هذا العلم الشمولي، يعلم ويحقق مصالح الذي يهيمن عليهم تحقيقاً تاماً عن طريق علم دقيق، وقدرة بالغة، ثم المصير بيده، المآل إليه.
أيها الإخوة؛ معنى ذلك أن الله المهيمن لا نهاية لعلمه، ولا نهاية لقدرته، ومصير كل شيء إليه، هذا الإله العظيم ألا يُخطب وده؟ ألا تُرجى جنته؟ ألا تُخشى ناره؟
إلى أنت باللذات مشغول وأنت عن كل ما قدمت مسؤول
ألا إلى الله المصير، مصيرنا إليه، والله أيها الإخوة؛ لو تأملنا في القبر، من بيت أربعمئة متر، له إطلالة، مركبة فارهة، دخل فلكي، زوجة، أولاد، مكانة اجتماعية، فجأة في قبر، هذا القبر قد يكون جنة، لكن بالعمل الصالح، بالعطاء، بالبذل، بالاستقامة، إذاً الله المهيمن أي لا نهاية لعلمه، ولا نهاية لقدرته، ومصير كل شيء إليه.
إلا أن الهيمنة فيها معانٍ أخرى، ليست هيمنة سيطرة، ولكنها هيمنة شفقة، لو أن الابن ارتفعت حرارته، ترى الأم محيطة به، تُتابع قياس درجة حرارته، تتصل بالطبيب، تأتي بالدواء، تعطيه الدواء بدقة بالغة، هذا الاهتمام البالغ جعلها مهيمنة؛ اهتمامها، ورحمتها، وحرصها على صحة ابنها تجعلها مهيمنة، لا تأخذ الهيمنة موضوع سيطرة، الأب المربي مهيمن على أولاده، أين كنت؟ من صادقت؟ ما اسم صديقك؟ لماذا تأخرت؟ ماذا فعلت؟ ماذا درست؟ أين وظائفك؟ من شدة الحرص على مستقبل ابنه، وعلى سلامته وسعادته في الدنيا ترى الأب مهيمنًا، أما الأب الذي يُسيب هو أب ليس رحيماً، لا يسأل أين كان الابن، البارحة لم ينم في البيت، خير إن شاء الله! هذا ليس أباً، أين نمت؟ مع من؟ لن تكون مهيمناً بالمعنى الكامل إلا إذا كنت رحيماً، من لوازم الرحمة الهيمنة، الدقة.
الذي عنده بنت، البنت غالية جداً، يعلم بالضبط برنامجها بالجامعة، تأخرت، سبب الهيمنة الحب، الرحمة، الحرص، الكمال، هذا مفهوم بشري، هذا مفهوم ضيق، هيمنة الله على خلقه لأنه رحمن رحيم، هيمنة الله عز وجل هيمنة رحمة، لأنه ارحم بنا من أنفسنا، ولأن النبي عليه الصلاة والسلام أقرب الخلق إليه فهو أرحم الخلق بالخلق، إذاً من المعاني الفرعية لاسم المهيمن الحب والشفقة.
أيها الإخوة؛ ومن معاني الهيمنة المحافظة على المهيمن، أي يضبط كل شيء، ماذا تأكل؟ كُلْ في البيت، طعام البيت مضمون، طعام الطريق غير مضمون، لا يسمح لابنه أن يأكل شيئاً يضره، إذاً من معاني الهيمنة الفرعية الحب والشفقة والضبط، أبداً.
أيها الإخوة؛ المعنى الثاني المحافظة على المهيمن، ضبط كل شيء، عفواً أنت حينما ترى أن الله يتابعك، وأن الله يحاسبك، وأن الله يعاقبك أحياناً، هذه هيمنة، هيمنة حرص، وهيمنة محبة، وهيمنة رحمة.
الآن من معاني المهيمن أن الذي مع المهيمن هو المنتصر، الله عز وجل وهو المهيمن قال:
﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)﴾
فإذا كنت مع المهيمن طائعاً مالك محفوظ، لأنك ابتعدت عن الربا، والذي لم يعبأ بهذا الأمر سوف يُدمَّر ماله، إذا كنت مع المهيمن فأنت المنتصر، الله عز وجل وعدك بحياة طيبة، فإذا أطعته لك الحياة الطيبة، والذي لم يعبأ بأمر المهيمن، ولم يستقم على أمره له معيشة ضنك، فأنت حينما تكون مع المهيمن لك النصر، لك التوفيق، لك المستقبل، أنت الذي تضحك آخراً، البطولة لا أن تضحك أولاً، أن تضحك آخراً.
﴿ إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (13)﴾
أما المؤمن:
﴿ وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9)﴾
الضحك الحقيقي هو ما كان في آخر المطاف.
أيها الإخوة؛ إذاً الهيمنة من معانيها الكبرى العلم، والقدرة، والمصير، علم وقدرة ومصير، من معانيها الفرعية الشفقة والرحمة، والأمانة والضبط، ثم الاستمرار والنصر، بعضهم شبه الهيمنة كطائر يطير حول أفراخه، يحفظهم من كل عدوان، يُؤمِّن لهم طعامهم، وشرابهم، وعشهم، ويراقبهم، هذا المعنى دقيق جداً كهيمنة الطائر على فراخه.
5 – القوي الذي يُؤمّن المخلوق من الخوف:
شيء آخر؛ المهيمن قوي، ولأنه قوي أمِّن مَن حوله من الخوف.
﴿ قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46)﴾
إذاً المهيمن من يُؤمِّن غيره، وهذا يلتقي مع اسم المؤمن، المهيمن يُؤمِّن من يهيمن عليه، لاحظ ابنًا مع أمه، مطمئن، لا يوجد عنده مشكلة إطلاقاً، يشعر بالأمن، لأن أمه حريصة عليه حرصاً لا حدود له.
تعرُّض المؤمنين للبلاء من حكمةِ المهيمِن:
الآن يوجد عندنا حالة لابد من أن تُعالج، قال: فإنْ ترَك ربنا المهيمن بعضَ المؤمنين لبلاء، أو عدو، أو ظالم، أو مسيطر، لمَ؟ قال: لحكمة بالغةٍ بالغة علِمها مَن علِمها، وجهلها مَن جهلها، الآية:
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)﴾
إخواننا الكرام؛ لو تصورنا صاحب محل تجاري، يأتي إلى المحل قبل أي موظف، يفتح المحل بيده، ويجلس وراء الطاولة، ومكان المال تحت سيطرته من أول دقيقة إلى آخر دقيقة، هؤلاء الموظفون أُمناء أم خائنون؟ لا يوجد مجال مُتاح لهم أن يُمتحَنوا إطلاقاً، ما دام يدخل أول إنسان، ويجلس وراء الطاولة، ومكان الغلة تحت سيطرته من أول دقيقة إلى آخر دقيقة، هل تقول: هؤلاء الموظفون أُمناء أم غير أمناء؟ لا نعلم، الآن بالأسواق المتطورة لو لم تدفع ثمن البضاعة يصدر صوت عند الخروج، هؤلاء رواد هذا السوق أُمناء لم يُتَح لهم أن يمتحنوا إطلاقاً.
لذلك ربنا لحكمة بالغة يتغافل، لو أن صاحب المحل أراد أن يمتحن هذا الموظف أبقى الدرج مفتوحًا، وفيه أموال، وذهب إلى جاره المقابل له، وعينُه على الموظف، والموظف يظن أن المعلم قد خرج، والدرج مفتوح، الآن هذا التغافل ليس غفلة، فرق كبير بين الغفلة والتغافل، الله عز وجل يقول: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً﴾ تتوهمه غافلاً، هو ليس بغافل ﴿عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ*إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ لولا أنّ الله في وهم بعض الناس يتغافل لما كُشِف الإنسان، فهذا الموظف متى يُكشف؟ حينما يترك صاحب المحل مقعده وراء الطاولة والدرج مفتوح، وفيه أموال، ويذهب إلى المحل المقابل، ولا ينتبه الموظف أين ذهب صاحب المحل، الآن إما أن يمدّ يده ويأخذ أو لا يأخذ، إذاً الآية دقيقة جداً، بمعنى أنه لا يمكن أن يأتي نهي لشيء مستحيل، هل يمكن أن يصدر قرار بعدم إطفاء الشمس مثلاً؟ كلام مضحك، شيء مستحيل، فالنهي من لوازم النهي أن يكون المنهي عنه قابلاً للفعل، الله عز وجل ينهى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ لأن معظم الناس الآن يتوهمون أن الله غافل، يقول لك: أين الله؟ شعوب إسلامية تُقتل، تؤخذ ثرواتها، يُقتل أبناؤها، أين الله؟ هو توهمه غافلاً: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ فهذا التغافل لا يتناقض مع المهيمن لحكمة بالغة، لأن الله عز وجل خلقنا ليمتحننا.
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30)﴾
أيها الإخوة؛ المهيمن هو المحيط بالعالمين، مهيمن بقدرته على الخلائق أجمعين، محيط بالعالمين، مهيمن بقدرته على الخلائق أجمعين، وهو على كل شيء قدير، وكل شيء إليه فقير، وكل أمر عليه يسير، ولا يعجزه شيء، ولا يفتقر إلى شيء.
﴿ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)﴾
أنت تُعظِّم المهيمن، إذا عبدت الله أنت مع المهيمن، يقول لك: يا أخي دولة عظمى! تملك أسلحة نووية، أقمارًا صناعية، أموالاً طائلة، جيشاً مخيفاً، أسلحة فتاكة، إذا كنت مع المهيمن فأنت المنتصر، إذاً محيط بالعالمين، مهيمن بقدرته على الخلائق أجمعين، هو على كل شيء قدير، وكل شيء إليه فقير، وكل أمر عليه يسير، ولا يُعجزه شيء، ولا يفتقر إلى شيء: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ أنت تعتز بالله عز وجل، أي أعداؤك الأقوياء بيد الله عز وجل، في قبضته، الآية واضحة:
﴿ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)﴾
7 – الرقيب على كل شيء والحافظ له:
المهيمن هو الرقيب على كل شيء، والحافظ له، والقائم عليه، رقيب وحافظ وقائم.
﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)﴾
كتابنا الكريم مهيمن على كل الكتب السابقة، لأنه آخر الكتب وخاتمها.
الآيات القرآنية المتصلة باسمِ المهيمن:
من الآيات التي تتصل بهذا الموضوع:
﴿ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2)﴾
يعلم دبيب النملة السمراء، على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء.
﴿يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾ أنت لك دخل معين، لو معك مئة مليار، كيف تكون؟ والله لا أحد يعلم، تبقى تأتي إلى المسجد؟ لا أعرف، هذا معنى قوله: ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾ .
آية أخرى متصلة بهذا الموضوع:
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5)﴾
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ﴾ شيء هي أوسع كلمة تُعبّر عن أدق شيء: ﴿فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ .
الآن:
﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)﴾
أنت جالس في غرفة، والنافذة تُطلّ على بناء مواجه الغرفة، وامرأة فتحت النافذة بثياب متبذلة، أنت تستطيع أن تغضّ بصرك، وتستطيع أن تملأ عينيك من محاسن هذه المرأة، مَن الذي يعلم في الأرض هذه الخيانة؟ المؤمن يغضّ بصره، وهو وحده في الغرفة، ولا أحد يطّلع عليه، طبيب يعالج امرأة، من حقه أن يرى موضع الداء، لو اختلس نظرة إلى مكان آخر مَن يعلم؟ ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ﴾ الذي يعلمه الله لا يمكن لمخلوق أن يعلمه: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ أوضح شيء برمضان، بأيام الصيف الحارة، العطش لا يحتمل، وأنت في البيت وحدك، لو دخلت إلى المطبخ، وتناولت كأس ماء، يعلم، الصيام عبادة الإخلاص.
من كان مع المهيمن فهو المنتصر والمحفوظ:
لذلك أيها الإخوة؛ إذا كنت مع المهيمن فأنت المنتصر، وأنت المحفوظ، وأنت الموفق، وأنت السعيد، فبشكل طبيعي الإنسان ينضم إلى القوي، الله عز وجل أقوى الأقوياء، أنا ملك الملوك، ومالك الملوك، قلوب الملوك بيدي، فإن العباد أطاعوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالرأفة والرحمة، وإن العباد عصوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالسخطة والنقمة، فلا تشغلوا أنفسكم بسبّ الملوك، وادعوا لهم بالصلاح، فإن صلاحهم بصلاحكم.
اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.
الملف مدقق